كيف يساعد "Airbnb" و"Booking.com"الإسرائيليين على جني الأموال من الأراضي المحتلة؟

في الوقت الذي تنشر "إسرائيل" دباباتها في الضفة الغربية للمرة الأولى منذ 20 عاماً، نكشف كيف تساعد اثنتان من أكبر شركات السفر في العالم المستوطنين على التسويق للأراضي المسروقة.

صحيفة "الغارديان" البريطانية تنشر تحقيقاً كشفت فيه مساعدة موقعَي "Airbnb" و"Booking.com"، الإسرائيليين على جني الأموال من الأراضي الفلسطينية التي تمّ الاستيلاء عليها واحتلالها وتأجيرها.

أدناه نص التحقيق منقولاً إلى العربية بتصرّف:

الفيلا مذهلة، وكذلك حمّام السباحة الخاص والشرفة الخضراء ذات المناظر الطبيعية مع موقد النار، وطاولة الطعام الطويلة وطاولة البينغ بونغ والبيانو. لكنّ درّة التاج، بحسب قائمة موقع "Airbnb"، هي تجربة مشاهدة شروق الشمس فوق الجبال القريبة من غرفة النوم الرئيسة الفاخرة. تقع الفيلا المطلة على جبال يهودا (جبال الخليل في الأصل) في مستوطنة بُنيت على أرض تمّ الاستيلاء عليها من الفلسطينيين وتعتبر غير قانونية بموجب القانون الإنساني الدولي. ولا يُسمح إلا لعدد قليل من الفلسطينيين بالدخول إلى هذه المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، وغالباً ما يكونون عمّالاً يحملون تصاريح خاصة.

وقد أظهر تحليل حصري أجرته صحيفة "الغارديان" أنه تمّ عرض 760 غرفة في الفنادق والشقق وغيرها من غرف الإيجار في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، على اثنين من أشهر المواقع السياحية في العالم. ويمكن لهذه الغرف مجتمعة، التي تظهر على موقعي " Airbnb" و" Booking.com"، أن تستقبل ما يزيد عن 2000 شخص اعتباراً من آب/أغسطس 2024. وكانت الفيلا واحدة من ضمن الأماكن المعروضة للإيجار.

ومن جملة ما عرضته القائمة: "تُعدّ مستوطنة (تكواع) مجمّعاً سكنياً هادئاً ومحترماً ومتنوّعاً". إلّا أنّه لم يرد أيّ ذكر للمواجهات الأخيرة التي وقعت خارج البلدة، والتي استخدمت فيها البنادق والهراوات والسكاكين والكلاب وأجبرت الفلسطينيين الذين يعيشون في مناطق مجاورة على ترك أراضيهم. وعلى بُعد 4 أميال من قرية تقوع، أُجبر ما لا يقلّ عن 100 فلسطيني على الرحيل منذ عام 2023. وتصاعدت وتيرة العنف والاستيلاء على الأراضي في المنطقة بشكل كبير منذ بداية الحرب في غزة.

وعلى الرغم من أعمال العنف الأخيرة، كانت تقوع، وهي بلدة معروفة بجمالها الطبيعي ومزارعها العضوية ومحمية "ناحال تقوع" الطبيعية القريبة التي تحتلها "إسرائيل" ومنتزه "هيروديون" الوطني، المستوطنة في الضفة الغربية التي تضمّ أكبر عدد من أماكن الإيجار المدرجة على موقع "Airbnb" خارج القدس الشرقية.

ومنذ وقف إطلاق النار في غزة، شنّت القوات الإسرائيلية عملية واسعة النطاق في الجزء الآخر من فلسطين، أي الضفة الغربية. وتوغّلت الدبابات في جنين، حيث قتل ما لا يقلّ عن 44 فلسطينياً، من بينهم 7 أطفال وامرأة حامل. وعلى الرغم من ادّعاء "الجيش" الإسرائيلي أنه يهدف من خلال هذه العملية المكثّفة إلى مكافحة الإرهاب، إلا أنّه منخرط في العنف في الضفة الغربية منذ عقود. فهو يحتلّ الضفة الغربية منذ عام 1967، ويسيطر على التجارة والسفر وحياة 2.5 مليون فلسطيني يعيشون فيها. وقد تمّ حشر معظم الفلسطينيين في جيوب حضرية صغيرة، حيث يتمتعون بحكم ذاتي محدود. وتشكّل هذه المناطق أقلّ من 20% من مساحة الضفة الغربية.

وبالإضافة إلى السيطرة الأمنية الإسرائيلية، تنتشر المستوطنات اليهودية في جميع أنحاء المنطقة. وكثيراً ما يستخدم المستوطنون القوة المسلّحة للاستيلاء على أراضي الفلسطينيين، وهو عمل وصفته الأمم المتحدة بأنّه جريمة حرب. وقد دعمت الحكومة الإسرائيلية هذه المستوطنات بقوّة، ما ساعدها في إحكام قبضتها على الأرض ومنع إمكانية قيام دولة فلسطينية في المستقبل.

وإلى الجنوب من بيت لحم، تقع إحدى هذه المستوطنات وتسمّى " تكواع"، المجاورة لبلدة تقوع الفلسطينية. وتحت غطاء حرب غزة، سرق المستوطنون الأراضي في الضفة الغربية بوتيرة أسرع من ذي قبل. وقد شهدت "تكواع" والبؤر الاستيطانية المحيطة بها عملية توسّع أكثر من غيرها، بحيث باتت تضمّ 4500 فدان من إجمالي 40 ألف فدان تمّ الاستيلاء عليها في جميع أنحاء الضفة الغربية منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، وفقاً لمنظمة "كيرم نافوت" (Kerem Navot) غير الحكومية.

وبعد أيام من بدء الحرب في تشرين الأول/أكتوبر 2023، كان محمد، وهو مزارع فلسطيني، يرعى أغنامه على إحدى التلال جنوبي تقوع مباشرة، عندما وصل الجنود الإسرائيليون إلى أرضه، وتعرّضوا له بينما حاول شقيقه ووالدته منعهم. وقال محمد لصحيفة "الغارديان" إنّ الجنود ضربوه ثم "سرقوا كلّ ما نملكه، من أغنام ومنازل وحتى الدقيق وعشرات الأطنان من الشعير والقمح والزيتون". كما أُجبر على ترك أرضه بشكل دائم، وهذه واحدة من الحالات الكثيرة المسجّلة التي قام فيها جنود "الجيش" الإسرائيلي بتمكين المستوطنين من السرقة أو ارتكابها بشكل مباشر.

وأفاد بيان صادر عن "الجيش" الإسرائيلي بأنّ الجنود طاردوا محمد لأنه "كان يقترب من منطقة مجتمعات إسرائيلية". ومع ذلك، اعترف "الجيش" الإسرائيلي بأنّ الجنديين "تجاوزا صلاحياتهما"، ما دفع إلى إعادة النظر في الأمر. وزعم "الجيش" بأنّه "ليس على علم بالادّعاءات المتعلقة بالسرقة، أو تهديد المشتبه به بمغادرة أرضه، أو إساءة معاملة المشتبه به ووالدته وشقيقه".

وهذه ليست سوى واحدة من الحوادث المتعددة التي أجبرت المجتمعات الزراعية الصغيرة على الفرار من أراضيها والتي تمّ الإبلاغ عنها في محيط تقوع منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، حيث تصاعدت وتيرة السرقة والتخريب وتحوّلت إلى تهديدات بالقتل في بعض الحالات بمساعدة "الجيش" الإسرائيلي.

أُنشئت مستوطنة "تكواع" كقاعدة عسكرية في عام 1967، وقد وصل عدد سكانها إلى أكثر من 4000 نسمة. وتحتوي على مسبح عامّ وملعب تنس ومطعم بيتزا ومهرجان بيرة صيفي. ويمنع الفلسطينيون من الدخول إليها من دون تصريح إلا في حالات نادرة. وهي تضم 17 مكاناً للإيجار معروضاً على موقع " Airbnb". ويقع أحد هذه الأماكن على بُعد كيلومترات فقط من المكان الذي تعرّض فيه محمد للهجوم.

ويتباهى المستولون على أماكن الإيجار بالمناظر الصحراوية المذهلة للمنطقة وقربها من مدينتي بيت لحم والقدس التاريخيتين. ولا يمكن عرض الصور من موقع "Airbnb" لأسباب تتعلّق بحقوق الطبع والنشر. وتتراوح الأسعار من 80 إلى 400 جنيه إسترليني في الليلة، وتشمل مرافق فاخرة مثل حمامات السباحة. ومقارنة بأعمال العنف التي أدت إلى إنشاء مستوطنة "تكواع" وتوسيعها مؤخّراً، تصفها قوائم "Airbnb" بأنها "مستوطنة مجتمعية فريدة من نوعها"، و"مجتمع دافئ ومحبّ" و"منطقة هادئة ومضيافة". ويعلن الكثير أنها موجودة في "إسرائيل" في حين أنّ القانون الدولي سيحكم عليها بأنها موجودة في مستوطنات غير قانونية على الأراضي الفلسطينية.

وتلعب قوائم أخرى على استعارات المستوطنين حول الأراضي الفارغة، حيث يصفها موقع "Airbnb" بأنها تقع "على أطراف الصحراء مع رؤية مفتوحة وواضحة للتلال التي لم تطأها قدم". وهذا الادّعاء غير صحيح لأنّ هذه البقعة كانت مأهولة بالسكان منذ أجيال، واضطروا لمغادرتها مؤخّراً، مثل محمد.

المقالة الأصلية

صورة: بناء مستوطنات إسرائيلية في الضفة الغربية. المصدر: https://www.almayadeen.net/.

ثيمات
• إقليمي
• التشريد
• السياسات العامة
• الشعوب الأصلية
• العولمة، الأثار السلبية
• النزاع المسلح/ العرقي
• الوصول إلى الموارد الطبيعية
• تدمير الموئل
• حقوق الأرض
• حقوق السكن
• حقوق الملكية
• دولي
• شعوب تحت الاحتلال
• وطني