ترحب شبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل، بالفتوى الاستشارية التاريخية لمحكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان (IACtHR)، والتي أصدرتها في 3 يوليو/تموز 2025، وتمثل تفسيراً ذو حجية للقانون الدولي العام الملزم، وتنطوى على ثقل قانوني كبير في توجيه المزيد من التدابير. وبعد عامين ونصف من إعداد تلك الفتوى، فإنها تؤكد على أن الدول والشركات لديهم التزامات مشتركة ولكن متباينة، بموجب القانون الدولي في التعامل مع أزمة التغيرات المناخية كقضية حقوقية.

فقد أوضحت المحكمة بأن حقوق الإنسان وما يقابلها من التزامات تنشئ واجبات على الدول ومؤسساتها، فردياً، وجماعياً، داخل حدود الدولة، وخارجها، بما في ذلك محتلف الدوائر الحكومية، لمنع والحد من الأضرار الناجمة عن أزمة التغيرات المناخية ومعالجتها، كما أكد ذلك الحكم على حقوق الأجيال الحالية والمستقبلية، والطبيعة نفسها، وكذلك من يدافعون عن الكوكب ونظامه البيئي.

كما يتوجب علينا أن نقدم الشكر لكل من حكومة كولومبيا وتشيلي، على مبادرتهم بطلب تلك الفتوى الاستشارية، لتوضيح التداخل بين الحالة الطارئة والعاجلة للمناخ والتزامات حقوق الإنسان على الدول. وقد ساهمت أكبر عملية تشاركية في تاريخ المحكمة في دعم الحاجة إلى هذا التوضيح، والتي ضمت دولاً، ومنظمات من المجتمع المدني، والشعوب الأصلية، وغيرهم ممن يمثلون خطوط المواجهة للحالة الطارئة للمناخ، بتقديم المشورة والآراء.

وفي فتواها الإستشارية بشأن المناخ، أقرت محكمة البلدان الأمريكية، بشكل واضح بأن أزمة المناخ تقوض حقوق الإنسان للأحيال الحالية والمستقبلية، وأن حقوق الإنسان يجب أن تكون محور أي استجابة فعالة. ويأتي هذ الحكم في توقيت مناسب خاصة قبيل استعراض الأمم المتحدة لأداء 37 دولة في تنفيذ أجندة 2030، وما يرتبط بها من أهداف التنمية المستدامة المعنية بالعمل المناخي في الهدف (13)، والتي تعهدت بها الدول بتحقيقها، إضافة إلى الوفاء بمعايير التنمية التي من شأنها تحقيق مجموعة من حقوق الإنسان. ومع ذلك، فقد تجنبت في الغالب أجندة المنتدى السياسيى رفيع المستوى، والذي سيعقد في نيويورك في الفترة من 13-24 يوليو /تموز، في الالتقاء مع التزامات حقوق الإنسان، والتي بدورها تدعم التعهدات السياسات الإنمائية العالمية.

لقد أعادت المحكمة صفة "السلامة" للبيئة، في تعريف الحق في البيئة. في حين أن قرار الجمعية العامة قد اسقط هذا الجانب من مضمون المكفول والذي حدده مجلس حقوق الإنسان العام الماضي. وبحسب ماورد، كانت فرنسا هي من أصرت على إلغاء صفة "السلامة" للبيئة كجزء من من حقوق الإنسان، متوقعة أن مثل هذا البناء القانوني، قد يضع برنامج الطاقة النووية في البلاد موضع تساؤل تحت رقابة حقوق الإنسان.

فقد أصبح الآن حق الإنسان في مناخ آمن وبيئة صحية، محمياً وفق نظام حقوق الإنسان للبلدان الأمريكية، مع التزامات واضحة للدول في حماية الحق، من خلال تنظيم أنشطة الشركات وغيرها من الأنشطة البشرية، وتبني أهداف مناخية طموحة تستند إلى العلم والإنصاف، وتمنع الأضرار التي لايمكن إصلاحها للنظم البيئية، وبالتالي حياة البشر كجزء من الطبيعة. كما أكد الحكم على حظر التسبب في أضرار بيئية لا يمكن إصلاحه، ووضعته ضمن الواجبات الأعلى مرتبة في القانون الدولي.

والجدير بالذكر، أن المحكمة قد خصصت قسماً من فتواها عن واجب الدول في حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في الأرض والمناخ والبيئة. حيث أكدت المحكمة في هذا الصدد على الدور الحيوي للشعوب الأصلية كفئة، وكذلك المجتمعات المنحدرة من أصول إفريقية، وكذلك الشباب باعتبارهم الفئة الأكثر تضررا من التدهور البيئي والمناخي المتزايد. واستجابة لتلك الفتوى، أكد المنسق الإقليمي لشبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل بأن " هذا التفسير المقدم من المحكمة، كان هناك حاجة ملحة له، خاصة منذ إقرار مجلس حقوق الإنسان والجمعية العامة للأمم المتحدة " الحق في البيئة"؛ وهذا الرأي يتعمق بشكل أكبر في تحديد مضمون هذا الحق، ومايقابله من التزامات على الدول، وهو ما لم تفعله القرارات الصادرة عن الهيئات السياسية

وإحدى تلك الالتزامات هي معالجة التكاليف والخسائر والأضرار التي تتعرض لها للشعوب والتي تقترن ب حق الإنسان في الإنصاف. وتشدد الفتوى الاستشارية، على أن المادة (8) من اتفاقية باريس بشأن التغيرات المناخية تقر بتلك الأولوية. كما أنها تحذر من أنه نظرًا لضخامة الآثار المتوقعة، فإن الصندوق [للاستجابة للخسائر والأضرار] سيتطلب موارد هائلة لكي يؤدي وظيفته" (الفقرة 199-203).

علاوة على ذلك توصي المحكمة الدول، بتبني تدابير من شأنها أن تدمج بين مكافحة تغير المناخ وحماية حقوق الإنسان للحيلولة دون ارتفاع مستوى المديونية التي تضطر الدول ذات الموارد الأقل إلى اللجوء إليها (الفقرة 208). وقد لاحظت شبكة حقوق الأرض والسكن- التحالف الدولي للموئل تلك المخاطر في سلسة مقالات من نشرة أحوال الأرض/LandTimes، بشأن التحول الأخضر لكل من مصر، والأردن، والمغرب، وتونس، واليمن.

كما ستكون تلك الفتوى بمثابة توجيه لإجراءات التقاضي المعنية بالمناخ على مستوى المحاكم المحلية، والوطنية، والإقليمية، كما ستوفر أساس لصناعة السياسات المعنية بالمناخ، ويؤسس لتشريعات محلية، ومفاوضات عالمية، بالتزامات قانونية، ليس فقط في بين البلدان الأمريكية ولكن في جميع أنحاء العالم.

"ومن المتوقع أن تصدر محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة فتواها بشأن مسألة قانونية مماثلة في وقت لاحق من هذا العام".

للمزيد من التفاصيل والإطلاع على الوثائق، أدخل على موقع المحكمة.

الصورة: بابلو سافيدرا أليساندري، سكرتير محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان، مستعرضاً للفتوى الاستشارية للمحكمة، في 2 يوليو/تموز بالعاصمة سان خوسيه، كوستاريكا. المصدر: محكمة البلدان الأمريكية لحقوق الإنسان.

ثيمات
• أطر العمل القانونية
• البيئة المستدامة
• الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
• الحوادث
• القواعد والمعايير
• الوصول إلى الموارد الطبيعية
• تغير المناخ
• حقوق الإنسان
• دولي