تستمر المعاناة الفلسطينية وتزداد يوما تلو الآخر بتضاعف الانتهاكات الصهيونية، ليظل الصمت الغربي والإدانات العربية المستكينة تتصدر المشهد، حيث يبحث الاحتلال الصهيوني عن أي من أوراق الضغط التي يستغلها ضد الشعب الفلسطيني للتنازل عن هويته وقوميته وأرضه وتراثه، والتخلي عن قضيته، لكن ذلك لا يزيد هذا الشعب إلا إصرارا على التمسك بالمقاومة.
بعد أن أغرق الاحتلال قطاع غزة في الظلام بسبب نفاد الوقود في القطاع والتعنت الإسرائيلي في دخوله وشح الوقود الوارد، وبعد أن أصبح القطاع على شفير كارثة إنسانية حقيقية في ظل عدم التمكن من تغطية احتياجات المستشفيات ومضخات المياه والبنية التحتية والتعليم والصرف الصحي، عاد الاحتلال ليكرس المعاناة والأزمة من جديد بإغراق القطاع بالمياه.
فتحت السلطات الصهيونية الأحد الماضي، قنوات وسدود مياه، تجاه منازل وأراضي فلسطينية في قطاع غزة، ما أدى إلى إزالة السواتر الترابية الواقعة على الحدود مع الكيان، مما أدى إلى غرق أكثر من 100 منزل، وتقوم السلطات الصهيونية وفي أغلب فصول الشتاء، بفتح سدود الوادي دون سابق إنذار بهدف تصريف الكميات الهائلة من المياه التي تكدست لديها، جراء الأمطار الغزيرة التي هطلت على المنطقة، باتجاه قطاع غزة، دون أي مراعاة للسكان أو القرى والمنشآت التي يمكن أن تتأذى من هذه المياه.
غرقت عدد من منازل المواطنين في منطقة “المغراقة” وارتفع منسوب المياه إلى ثلاثة أمتار ونصف، فيما صرح رئيس بلدية المغراقة “يوسف أبو هويشل”، “أن ما جرى كان في تمام الساعة الواحدة والنصف من منتصف ليلة الأحد عندما تلقينا اتصالات من سكان منطقة المغراقة أبلغنا بغرق عشرات المنازل بعد ارتفاع منسوب وادي غزة بشكل مفاجئ، وأضاف “أدى الحادث إلى غرق أکثر من 30 منزلاً بالكامل حیث تم إجلاء جمیع السكان بالتعاون مع الدفاع المدنی”، مؤكدا أن “سبب ارتفاع منسوب المیاه فی منطقة المغراقة فی قطاع غزة هو قیام الكیان الصهیونی المحتل بفتح السدود بشكل مفاجئ على المنطقة”.
من جانبه، قال مدیر الدفاع المدنی فی قطاع غزة “عبد الكریم الدهشان”، “الاحتلال لم یبلغ أي أحد وقام بفتح هذه السدود مما أدى لتدفق المیاه للمنازل حیث قامت طواقم الدفاع المدنی بجلب القوارب الصغیر وإخلاء للمواطنین، إضافة إلى أنه تم التواصل مع الأونروا لتوفیر الطعام والمستلزمات والأغطیة وغیرها”، كما وقعت خسائر كبيرة من بينها الإصابات في صفوف المواطنين، بجانب نفوق رؤوس أغنام وماشية وجمال وأبقار، وتضرر المنازل وتعرضها لخسائر مادية بالغة.
وعلى صعيد متصل؛ عاود الاحتلال هدم قرية “بوابة القدس” الواقعة شرق بلدة “أبو ديس” بمدينة القدس المحتلة، وذلك للمرة التاسعة على التوالي، حيث قال الناطق باسم المقاومة الشعبية في بلدة أبو ديس “هاني حلبية”، “اقتحمت ما يقارب 30 آلية عسكرية القرية، وقاموا بإطلاق قنابل الغاز والصوت صوب نشطاء المقاومة والمواطنين المتواجدين في المنطقة”، وأضاف أن مواجهات دارت بين قوات الاحتلال وبين الشبان والنشطاء، كما أشار إلى أن الاحتلال حاصر المنطقة ابتداءً من طريق “وادي النار” الواقعة بين بلدة “أبو ديس” و”العيزيرية”، وعرقل حركة سير الموظفين المتوجهين إلى أعمالهم.
من جانبه قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية “مصطفى البرغوثي”، إن “قوات كبيرة من جيش الاحتلال حاصرت قرية بوابة القدس وشرعت بهدمها للمرة التاسعة”، ولفت “البرغوثي”، الذي يشارك في إقامة القرية والاعتصام فيها، في تدوينه على حسابه في موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، إلى أن النشطاء سيعيدون بناء القرية، وقال “ما قامت به قوات الاحتلال لن يكسر إرادة المقاومة الشعبية، وأن نشطاء المقاومة سيقومون ببناء قرية بوابة القدس مائة مرة”، وأضاف “إذا هدموا بيتا بنينا مائة بيت، وإن اقتلعوا شجرة زرعنا ألف شجرة، وإن إرادة الشعب الفلسطيني لن تنكسر في الدفاع عن أرضه وعن حريته”.
بوابة القدس قرية أقامها فلسطينيون على أراض مهددة بالمصادرة لأغراض الاستيطان في بلدة “ابو ديس”، وأقيمت “بوابة القدس” قبل أسبوعين على أراضي تلة “خلة الراهب” رفضًا لمخطط تهجير وتوطين التجمعات البدوية تمهيدا لتنفيذ مشاريع استيطانية على أراضي الفلسطينيين، وتعد هي القرية الـ12 التي يقيمها نشطاء فلسطينيون، في مواقع مهددة بالمصادرة لصالح المستوطنات الإسرائيلية.
تقع القرية، ضمن المشروع المسمى إسرائيليًا “إي 1″، والذي يهدف بحسب اللجان الشعبية لـ”الاستيلاء على 12 ألف دونم، تمتد من أراضي القدس الشرقية حتى البحر الميت، وتفريغ المنطقة من أي تواجد فلسطيني والذي يشكل 7 تجمعات يسكنها 2500 مواطن، كجزء من مشروع لفصل جنوب الضفة الغربية عن وسطها”، والمنطقة “إي 1″، تضم مستوطنة “معاليه أودوميم” كبرى المستوطنات والتي يسكنها حوالي 40 ألف نسمة.
كانت أول قرية رمزية أقامها نشطاء فلسطينيون هي “باب الشمس” والتي أقيمت شرقي القدس في 11 يناير 2013، وهذه القرى غالبًا ما تستمر أياماً قبل قيام القوات الإسرائيلية باقتحامها، وطرد النشطاء منها، وإلقاء القبض على عدد منهم.