في ظلّ غياب المجلس التشريعيّ... مؤسّسات المجتمع المدنيّ تطلق حملة لمساءلة الحكومة ومراقبة أدائها. أطلقت مؤسّسات المجتمع المدنيّ في الضفّة الغربيّة حملة لمساءلة الحكومة ومراقبة أدائها، خلال أوّل مئة يوم من عملها، بالتزامن مع خطّة الطوارئ التي أطلقتها الحكومة، لقياس مدى التغيير في عمل الوزارات.
رام الله – الضفّة الغربيّة: أطلقت الهيئة الاستشاريّة الفلسطينيّة لتطوير المؤسّسات غير الحكوميّة PCS (مؤسّسة أهليّة مدنيّة مستقلّة) وائتلاف مكوّن من 70 من مؤسّسات المجتمع المدنيّ، في 16 أيّار/مايو، بمدينة رام الله - وسط الضفّة الغربيّة، حملة المئة يوم لمساءلة الحكومة، تحت شعار المساءلة تنمية.
وكانت الهيئة تأسّست خلال عام 2005، وهي تعمل في الضفّة وغزّة، وتهدف إلى تطوير المجتمع الفلسطينيّ وتنميته وتمكينه، في إطار تعزيز المبادئ الديموقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة والتنمية المستدامة واحترام حقوق الإنسان والقانون، وتقدّم الهيئة خدماتها من دون تمييز.
وتعدّ الحملة، التي تنتهي في 25 تمّوز/يوليو، محاولة لخلق مساءلة مجتمعيّة للحكومة، في ظلّ عدم وجود مجلس تشريعيّ يقوم بهذا الدور، إذ أصدرت المحكمة الدستوريّة في رام الله بـ12 كانون الأوّل/ديسمبر من عام 2018 قراراً بحلّه.
وستركّز الحملة على ضمان وصول المواطنين إلى الخدمات الأساسيّة في الوزارات والهيئات الحكوميّة، وقياس مدى تطوّر أداء المؤسّسات الحكوميّة وتعاملها مع المواطنين، وتقديم التصوّرات الممكنة من أجل تحسينها، إذ قالت مديرة وحدة حقوق الإنسان في الهيئة الاستشاريّة الفلسطينيّة لتطوير المؤسّسات غير الحكوميّة سماح أبو سيدو لـالمونيتور: إنّ الهدف الأساسيّ للحملة تغيير النمط السائد في عمليّة المساءلة وإشراك المجتمع المحليّ في مشاركة الحكومة بشكل أكبر من ناحية تقييم أدائها والمراقبة عليها، وتحفيز المواطنين على المشاركة في ذلك.
أضافت: إنّ فكرة الحملة جاءت انسجاماً مع توجّه الحكومة، الذي أعلنه رئيسها محمّد اشتية بعد أدائه القسم القانونيّة أمام الرئيس محمود عبّاس خلال مقابلة بـ13 نيسان/إبريل عبر تلفزيون فلسطين (رسميّ)، بأنّ حكومته ستعمل بموجب خطّة طوارئ لمدّة 100 يوم. ولذلك، كان لدينا اهتمام مع المؤسّسات التي نعمل معها بأن يكون لنا دور في المشاركة بتقييم أداء الحكومة ودورها.
انفتاح الحكومة الحاليّة على مختلف المؤسّسات المجتمعيّة ورغبتها في تحسين صورتها لدى الرأي العام المحليّ ساعدا في ولادة الحملة، إذ قالت سماح أبو سيدو: إنّ اشتية خلال المشاورات، التي سبقت تشكيله الحكومة، أبدى رغبته في وجود مساءلة لحكومته وفي أن تلعب مؤسّسات المجتمع المدنيّ دوراً أساسيّاً في مساعدته على تحقيق أهداف الحكومة، وهو ما دفعنا إلى التفكير في إطلاق الحملة. وأكّدت أنّ الحكومة الحاليّة مهّدت الأجواء لمثل هذه المشاركة.
وأعلن محمّد اشتية في 20 أيّار/مايو عن انتهاء الحكومة من إعداد خطّة المئة يوم، حيث تتلخّص الخطّة بتشجيع الإنتاج الصناعيّ والزراعيّ والسياحيّ، وتعزيز الاستثمار في الطاقة النظيفة، والاهتمام بالموارد المائيّة، والحدّ من البطالة ومحاربة الفقر، وإنشاء المدن الصناعيّة، وخلق مشاريع رياديّة تنمويّة وحاضنات الأعمال والتكنولوجيا، وتعزيز دور المرأة والشباب، والاهتمام بالتعليم والتدريب المهنيّ، وصون الحريّات.
وستلجأ الحملة إلى مجموعة من الأدوات من أجل قياس ومعرفة رأي الجمهور بخدمات الحكومة وأدائها، إذ قالت أبو سيدو: سنختار مجموعة من المؤشّرات التي تتعلّق بحياة المواطن اليوميّة ومراجعاته وعلاقاته مع الدوائر الرسميّة، مثل مدى سهولة او صعوبة حصول المواطن على العلاج والخدمة الطبية في المرافق الصحية الحكومية، او المدة الزمنية التي يستغرقها المواطن في اتمام معاملته في احدى الدوائر الحكومية ، ومن بين الأدوات عقد جلسات واجتماعات بين الحملة ووزراء الحكومة لمناقشة خططهم ذات الصلة بحقوق المواطنين الاجتماعيّة والاقتصاديّة.
أضافت: إنّ الحملة ستصدر، بعد انتهاء المدة الزمنيّة، تقريراً شاملاً لخطّة الحكومة، نرصد من خلاله مدى التزام الحكومة بتنفيذ خطّتها من وجهة نظرنا ووجهة نظر المجتمع، وفق المؤشّرات التي اعتمدناها لقياس رأي المواطن، ووفق أيضاً استطلاعات للرأي (استبيانات) حول مدى رضى المواطنين عن أداء الحكومة.
وعن آليّات خلق تفاعل لدى الجمهور مع الحملة، قالت أبو سيدو: هناك خطط للتواصل مع الشارع وتحفيز المواطنين على المشاركة من خلال الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعيّ، إذ ستكون هناك استطلاعات رأي على وسائل التواصل الاجتماعيّ وفقرات إذاعيّة ولقاءات إعلاميّة لحثّ الناس على المشاركة في تقييم الحكومة، إضافة إلى ورش العمل التي تجريها المؤسّسات الشريكة في الحملة مع المواطنين، مثل الهيئة الوطنية للمؤسسات الاهلية، الائتلاف من اجل النزاهة والمساءلة – امان، اتحاد الاشخاص ذوي الاعاقة، جمعية النجدة الاجتماعية لتنمية المرأة ، جمعية مدرسة الامهات، الكلية الاهلية،
أضافت: نفكر في أن نجعل خطّة المساءلة طويلة الأمد، بحيث لا تنتهي مع انتهاء المئة يوم.
وتابعت: نأمل، في ظلّ غياب المجلس التشريعيّ، أن يكون هناك دور رقابيّ من قبل المجتمع المدنيّ ومؤسّساته على أداء الحكومة.
بدوره، قال عضو مجلس تنسيق العمل الأهليّ محمّد العبّوشي لـالمونيتور: إنّ تقييم أداء الحكومة وعمل وزاراتها سيستند على مؤشّرات أساسيّة تركّز على الوزارات الخدماتيّة، وقياس مدى التغيّر الذي طرأ على عملها خلال 100 يوم.
ولفت محمّد العبّوشي إلى أنّ الحملة أنشأت صفحة على موقع التواصل الاجتماعيّ فيسبوك تثير من خلالها قضايا ذات أهميّة للمواطن. كما طالبت المواطنين بالتفاعل وكتابة الملاحظات عبر التدوين على وسائل التواصل الاجتماعيّ تحت هاشتاغ #حملة_100_يوم.
وعن مدى كفاية الـ100 يوم لإحداث التغيير المطلوب، قال العبّوشي: إنّ المدّة كافية لإعطاء مؤشّر حول اتجاهات العمل في الحكومة، من خلال تغيير النمط البيروقراطيّ السائد في وصول الناس إلى الوزارات، وتشجيع سياسة الباب المفتوح وسماع شكاوى الناس. كما أنّ الحملة تشكّل آليّة لخلق الشراكة المجتمعيّة بين الحكومة ومؤسّسات المجتمع المدنيّ بكلّ مكوّناته، إضافة إلى القطاع الخاص
.
ولعلّ الأجواء الإيجابيّة التي بثّتها الحكومة وانفتاحها على مكوّنات المجتمع، شجّعا المجتمع المدنيّ على إطلاق الحملة، إذ قال العبّوشي: إنّ الحكومة السابقة لم تُفّعل اجتماعاتها مع المجتمع المدنيّ، وكانت لديها صعوبة في استقبال رسائله وملاحظاته حول عملها، أو عقد لقاءات مع رئيس الوزراء أو الوزراء.
أضاف: كانت العلاقة شبه رسميّة. ولذلك، المطلوب حاليّاً تغيير طريقة عمل الحكومة السابقة وتعزيز التواصل بين الحكومة والمجتمع المدنيّ.
وتابع: نتوقّع بعد انتهاء الحملة تحسّناً في أداء الحكومة من خلال زيادة قربها من نبض الشارع العام وسماع أقواله، وتبنّي الشراكة وتعزيزها مع مختلف مكوّنات المجتمع.
ورغم أهميّة حملة المئة يوم باعتبارها خطوة ضروريّة لمساءلة الحكومة ومراقبة أدائها، خصوصاً في ظلّ غياب المؤسّسات الرسميّة التي تقع عليها هذه المسؤوليّة، وهي المجلس التشريعيّ، إلاّ أنّ الأهمّ هو مدى تجاوب الحكومة مع الملاحظات والانتقادات التي قد توجّه إليها وقدرتها على معالجتها، الأمر الذي يحقّق الشراكة المطلوبة.
الصورة: الرئيس الفلسطيني محمود عباس يلتقط صورة مع أعضاء الحكومة الفلسطينية الجديدة خلال مراسم أداء اليمين ، رام الله ، الضفة الغربية ، 13 نيسان/أبريل 2019. المصدر: محمد توروكمان / رويترز.