نفوق مئات الآلاف من الأسماك في الفرات الأوسط والأسباب مجهولة

بغداد—بعدان تفاجئ الصيادون وأصحاب أحواض تربية الأسماك والسكان المحليون في محافظة بابل جنوب بغداد، في نفوق مئات الآلاف من الأسماك بشكل مفاجئ، أكدت وزارة الصحة العراقية إن فرق الرقابة الصحية تتابع حالة نفوق الأسماك في المحافظة, كما تتابع بدقة باعة الأسماك في الأسواق المحلية وكل من يثبت بيعه للسمك النافق سوف يحاسب وفق القانون.

وحذرت وزارة الصحة على لسان المتحدث بإسمها سيف بدر، من شراء الأسماك في الوقت الحالي بسبب وجود مرض أصاب آلآف الاسماك بشكل مفاجئ، اذ لم تظهر أي حالة مرضية بسبب أكل السمك حتى الآن، ولا يوجد مرض مشترك بين الأسماك والإنسان.

مشيرا إلى ان الرقابة الصحية قامت بأخذ عيّنات متعددة من مياه النهر وشبكات الإسالة ومن الأسماك ولم تظهر وجود حالة سمية أو جرثومية لحد الوقت الحاضر، لافتا ولزيادة التأكيد أرسلت عيّنات مختلفة إلى مختبر الصحة العامة المركزي في بغداد وإلى مختبرات منظمة الصحة العالمية في كردستان.

وبين ان”فرق الرقابة الصحية تتابع بدقة باعة الأسماك في الأسواق المحلية وكل من يثبت بيعه للسمك النافق يحاسب وفق القانون, كما سيتم إتلاف وحرق أي كمية تضبط من الأسماك النافقة وحسب المعايير العلمية للإتلاف.

وأشار البدر الى ان “دائرة الصحة العامة متمثلة بقسم الرقابة الصحية والمركز الوطني للأمراض الإنتقالية والاقسام والشعب النظيرة لهما في دوائر الصحة كافة، تتابع المستجدات حتى تنتهي هذه الحالة.

ونبهت الوزارة المواطنين بالتأكد من مصدر المواد الغذائية وموثوقية محلات البيع، مؤكدة ان سلامة مياه المسطحات المائية وصحة الثروة الحيوانية هو من مسؤولية وزارة الموارد المائية ووزارة الزراعة اما دور وزارة الصحة الرئيسي هو الحرص على عدم انتقال اي حالة مرضية للانسان وعلاج الحالات إن وجدت.

مطالب بتعويضات مادية

أبو سيف (57) عاما، صاحب مزرعة أسماك في قضاء المسيب بمحافظة بابل، قال لـ(إينا نيوز)، إن الأسباب غير واضحة الآن، لكن الحدث يشير إلى وجود فعل فاعل قام بتسميم الأنهر، ومايهمنا الآن تعويضنا من قبل الدولة، نظرا للخسائر الكبيرة التي تكبدها مربو الأسماك

.

وأضاف إن نهر الفرات غص بكميات كبيرة من الأسماك النافقة بسبب تلوث المياه، والحكومة المحلية لم تشكل أي لجان تحقيقية لمعرفة أسباب نفوق الأسماك لغاية اللحظة، مشيرا إلى أن الثروة السمكية في خطر، كما أن المياه أصبحت غير صالحة للشرب، ونحن نود معرفة الأسباب التي أدت إلى حدوث هذه الكارثة.

غير أن بعض الأهالي يرون إن سبب نفوق الأسماك بهذا الكم الهائل سببه إهمال أصحاب الأحواض أو الأقفاص العائمة، كونهم يحملون الأحواض أكثر من طاقتها الاستيعابية، بالتزامن مع قلة الإيرادات المائية وإنخفاض مناسيب المياه.

إنخفاض الأوكسجين الحيوي

وعزا كبير خبراء الاستراتيجيات والسياسات المائية في العراق، الدكتور رمضان حمزة محمد أسباب نفوق الأسماك في نهر الفرات إلى إنخفاض ‫الأوكسجين الحيوي أو ما يسمى (Biological Oxygen Demand BOD)، بسبب قلة التصاريف المائية من تركيا وسورية، وزيادة رمي الفضلات والقمامة في مياه النهر مما أدى الى إختناق السمك نتيجة عملية (‪Eutrophication)، والسبب الآخر هو‫ حدوث تسمم نتيجة زيادة في نسبة الأملاح الكلية المذابة.

وقال محمد لـ(إينا نيوز) إن تصفير الخزين الإستراتيجي للسدود ومنها سد الموصل (الموصل) والبحيرات مثل بحيرة (الثرثار) أحد أهم أسباب نفوق الأسماك، لعدم توفر المياه لتعزيز تصاريف نهر الفرات.

من جهته طالب الإتحاد العام للجمعيات الفلاحية التعاونية ،الحكومة بإعلان الأسباب الحقيقية وراء نفوق الأسماك وتعويض المتضررين.

وقال رئيس الإتحاد حيدر العصاد لـ(إينا نيوز) إن ”أعداد كبيرة من الأسماك لا يمكن إحصائها في الوقت نفقت في بغداد وبابل وواسط وديالى والبصرة، ولا يمكن ان يكون فقط بسبب مرض تعفن الغلاصم خاصة ان الكارثة حدثت في وقت واحد في أقفاص تربية الأسماك فقط دون غيرها مع العلم ان العدوى بهذا المرض تحتاج لأيام لتصل من حوض إلى آخر، مشيرا إلى ضرورة التعامل بمصداقية وموضوعية لعبور هذه الأزمة و وضع اليد على الأسباب الحقيقية للكارثة التي قد لا تعوض خسائرها الأبعد سنوات كثيرة من العمل.

قلة الإيرادات المائية

وعزت وزارة الزراعة، ابرز اسباب ظاهرة نفوق كميات كبيرة للأسماك الى انخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وقلة الايرادات المائية من تركيا، اضافة الى ما يلقى في النهرين من ملوثات صناعية ومنزلية، فيما الزمت المربين الالتزام بالضوابط والمحددات البيئية ونظام التربية الصحيح.

وقالت الوزارة في بيان إن وزارة الزراعة تسعى الى تحقيق الاكتفاء الذاتي لأهم المنتجات الزراعية بشقيها النباتي والحيواني من خلال تقديم الدعم للمزارعين، إلا أنه غالبا ما يواجه القطاع الزراعي مخاطر انتاجية تتمثل بانتشار الأوبئة والأمراض والتغيرات والبيئية والمناخية”، موضحا أن “ما حصل في محافظة بابل وقبل مدة في بغداد وديالى من نفوق بكميات كبيرة للاسماك بعد ما وصلنا للاكتفاء الذاتي وسد حاجة السوق من الاسماك، له الأثر الكبير على الثروة الحيوانية حاليا

.

وأضافت الوزارة، أن من أهم الأسباب هو إنخفاض مناسيب المياه في نهري دجلة والفرات وقلة الايرادات المائية من تركيا، وبالتالي ركود وتوقف جريان المياه في بعض مناطق تربية الأسماك بالأقفاص العائمة، إضافة إلى ما يلقى في نهري دجلة والفرات من ملوثات صناعية ومنزلية بدون عمليات معالجة وتدوير للمياه، هذا من جهة ومن جهة أخرى، عدم الالتزام بالضوابط والمحددات البيئية من خلال وجود أعداد كبيرة من المتجاوزين من مربي الأسماك بالأقفاص العائمة

.

وتابعت الوزارة، كذلك كثافة التربية في وحدة المساحة (25 سمكة للمتر المكعب الواحد) أدت إلى نقص الأوكسجين وتحفيز الإصابات الفطرية والبكتيرية نتيجة تخمر مخلفات الأعلاف وفضلات الأسماك في قاع النهر الراكد وإنبعاث غاز الأمونيا نتيجة التحلل، مما أدى الى تعفن أو تلف غلاصم الأسماك وبالتالي نفوقها.

وبينت الزراعة، أن “الوزير أوعز مع بداية ظهور الإصابة بتشكيل لجنة لمتابعة الموضوع، فيما أوصت اللجنة الوزارية بإزالة جميع المتجاوزين من مربي الأسماك بالاقفاص العائمة غير المجازين وإزالة الأسماك النافقة في الأنهر وبالتعاون مع وزارة الصحة والبيئة والمحافظات، وكذلك إلزام المربين بالالتزام بالضوابط والمحددات البيئية ونظام التربية الصحيح، وكذلك إلزام المربين بفحص الأعلاف المستخدمة للأسماك من قبل دائرة الثروة الحيوانية، وعلى المربين ايضا إبلاغ المستشفيات والمستوصفات البيطرية عن أي حالة مرضية أو غير طبيعية تظهر على الأسماك.

وشهدت محافظة بابل، خلال اليومين الماضيين، ظاهرة نفوق جماعي للأسماك في الأحواض والمزارع ومياه الأنهر، دون معرفة الأسباب، لتلتحق بها محافظة واسط، حيث طفت ألآف الأطنان من الأسماك فوق المياه بعد نفوقها

.

ويأتي ذلك بعد أن أعلنت وزارة الـزراعة، في العشرين من تشرين الأول الماضي/ أكتوبر الماضي، عن نجاحها بتأمين الإكتفاء الذاتي للبلاد من الأسماك المحلية بنسبة 100% باتباعها أحدث طرق تربيتها.

غرفة عمليات طارئة

ودعا عضو مجلس النواب عن محافظة بابل ثامر ذيبان، إلى تشكيل غرفة عمليات طارئة في المحافظة لتدارك “كارثة جبال الأسماك” النافقة والطافية بنهر الفرات.

وقال ثامر ذيبان ان جميع الجهود المبذولة لمعالجة أزمة نفوق الأسماك في بابل مستمرة، لكن المسألة تتطلب تشكيل غرفة عمليات في المحافظة لتدارك كارثة من جبال الأسماك الطافية في نهر الفرات.

وحذر ذيبان، من بقاء الأسماك النافقة في المياه، ومن خطر ظهور مشكلة ثانية تتمثل بعدم تحديد المرض وأسبابه والسكوت عنه، الأمر الذي سيؤدي إلى تفاقم الأزمة.

المقالة الأصلية

الصورة: رجال عراقيون يطفون الآلاف من الأسماك الميتة من المزارع السمكية القريبة على نهر الفرات بالقرب من مدينة السادات الهندية، شمال مدينة الحلة العراقية ، 2 تشرين / الثاني نوفمبر2018. المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية.

Themes
• Access to natural resources
• Agriculture
• Basic services
• Destruction of habitat
• ESC rights
• Extraterritorial obligations
• Farmers/Peasants
• Health
• Legal frameworks
• Local
• National
• Norms and standards
• Public policies
• Regional
• Rural planning
• Solid waste
• Water&sanitation