الحكومة الأردنيّة تعتزم استملاك أراضي مواطنين لمدّ خطّ الغاز مع إسرائيل. بدأت إسرائيل عملياتها لإنشاء البنية التحتية لخط الغاز الأردني-الإسرائيلي، بالقرب من الحدود الأردنية الشمالية، في وقت نشرت فيه الحكومة الأردنية إعلانا في الصحف اليومية تعلم فيه أصحاب أراض باستملاكها لغايات مد الخط، الذي يأتي ضمن اتفاقية بين الطرفين لتوريد الغاز؟
عمّان: يترقّب مزارعون أردنيّون قراراً حكوميّاً باستملاك مزارعهم المحاذية للحدود الشماليّة مع اسرائيل، لغايات بناء أنبوب غازّ طبيعيّ، ضمن اتّفاقيّة وقّعتها شركة الكهرباء الأردنيّة في أيلول/سبتمبر 2016 مع شركة نوبل إنرجي الأميركيّة الحاصلة على امتياز من قبل إسرائيل لتطوير أحد أحواض الغاز في شرق البحر الأبيض المتوسّط، ستزوّد الأردن بـ45 مليار متر مكعّب من الغاز على مدار 15 عاماً.
ونشرت وزارة الطاقة والثروة المعدنيّة الأردنيّة في 24 كانون الثاني/يناير الماضي، إعلاناً في الصحف اليوميّة شمل أسماء مئات المواطنين، تعلمهم فيه أنّها ستمتلك أراضيهم بعد 15 يوماً من تاريخ نشر الإعلان، لغايات مشروع بناء أنبوب غاز طبيعيّ من نقطة التزويد على الحدود الأردنيّة، في القرب من معبر الشيخ حسين، ولغاية نقطة الربط مع أنبوب الغاز الطبيعيّ العربيّ في منطقة الخناصري في محافظة المفرق، إضافة إلى استئجار مسافة 20 متراً إضافيّاً على مسار خطّ الغاز، بمعدّل 10 أمتار من اليمين، وأخرى من اليسار، طيلة فترة إنشاء الأنبوب البالغة سنتين.”
ستقوم الحكومة بمصادرة الأراضي التي يمر منها خط الأنابيب وسوف تستأجر لمدة عامين 10 أمتار إلى يمين ويسار الخط للأعمال والمرافق. عندما ينتهي العمل، ينتهي الإيجار.
وتنصّ الإتفاقية أن تزود اسرائيل شركة الكهرباء الأردنية بالغاز الطبيعي لمدة 15 عاما بما مجموعة 45 مليار متر مكعب طيلة فترة الاتفاقية، بكلفة 10 مليار دولار.
وقرّر مجلس الوزراء الأردنيّ في جلسته المنعقدة في 19 شباط/فبراير الموافقة على استملاك مساحات قطع الأراضي التي تمّ نشرها في الصحف المحلّيّة، بالاستناد إلى أحكام المادّتين 4/ج و17/أ من قانون الاستملاك رقم 12 لسنة 1987.
ويبلغ طول الأنبوب نحو 55 كيلو متراً مربّعاً، خصّصت له الحكومة الأردنيّة مبلغ 11 مليون دينار (2.1 مليون دولار) لإنشائه حسب أرقام موازنة الدولة لعام 2018، بينما تبلغ مساحة الأراضي المنوي استملاكها 344 دونماً واستئجار 611 دونماً، من أراضي 18 بلدة في محافظتي إربد والمفرق، ومن المتوقّع، حسب الاتّفاقيّة، أن ينقل الخطّ في حلول عام 2019 نحو 225 مليون قدم مكعّب من الغاز يوميّاً من إسرائيل.
ونقل مزارعون في الأغوار الشماليّة الأردنيّة محاذون لنهر الأردن الفاصل بين حدود المملكة الشماليّة وحدود إسرائيل، أنّ الأخيرة بدأت عمليّات الحفر، وإنشاء البنية التحتيّة، وجلب أنابيب ضخمة. وقال المزارع محمّد الشمالي الذي يملك مزرعة في القرب من الحدّ الإسرائيليّ لـالمونيتور إنّه شاهد عمليّات حفر من قبل إسرائيل في أحد الجبال المقابلة لمزرعته المطلّة على نهر الأردن، ومدّ خطوط أنابيب ضخمة إلى الحدّ الأردنيّ، قائلاً: هذا يدلّ على أنّ خطّ الغاز أصبح واقعاً.”
والشمالي هو أحد مئات المواطنين ومئات المزارعين الذين أعلنت الحكومة الأردنيّة عزمها استملاك مزارعهم إلى جانب قطع أراض تعود ملكيّتها إلى نقابتي المهندسين والأطبّاء أبرز المعارضين لاتّفاقيّة الغاز مع إسرائيل، ممّا دفع النقابات المهنيّة ومجموعة ناشطين إلى تشكيل جبهة موحّدة لمواجهة قرار الاستملاك قضائيّاً من خلال المحاكم.
يقول المزارع أنّ مسار خطّ الغاز سيدمّر مئات الأشجار المثمرة من الحمضيّات في منطقة المنشيّة في الأغوار الشماليّة الأردنيّة، بسبب مروره بمزارع منتجة يعتاش منها المزارعون وعائلاتهم.”
ويتّفق معه المزارع يوسف البشتاوي الذي قال لـالمونيتور: إنّ مزرعتي الواقعة في الأغوار الشماليّة من بين الأراضي المنوي استملاكها، وهي مصدر رزقي، وهي أرض منتجة أزرعها حمضيّات، مؤكّداً أنّه سيلجأ إلى القضاء الأردنيّ للطعن بعمليّة الاستملاك.”
ويجيز قانون الاستملاك للحكومة الأردنيّة استملاك أراضي المواطنين للمصلحة العامّة، مقابل تعويض ماديّ. وفي هذا السياق أضاف وقال البشتاوي أنه لا يعرف بعد مبلغ التعويضات التي سيتم دفعها لمالي الأراضي المستملكة.
ووجّه النائب في البرلمان الأردنيّ أحمد الرقب سؤالاً نيابيّاً إلى الحكومة في شهر شباط/فبراير: هل تمّ استملاك أراضٍ لمدّ أنبوب الغاز الإسرائيليّ؟ لتجيبه الحكومة أنّه لم يتمّ الاستملاك حتّى الآن.” في وقت أكد فيه مصدر حكومي أردني فضل عدم ذكر اسمه، لـالمونتيور أن الحكومة الأردنية بدأت فعلا اجراءات استملاك الأراضي لغايات مد خط الغاز.”
بدوره، أعلن مدير الغاز الطبيعيّ في وزارة الطاقة والثروة المعدنيّة حسن الحياري في 2 شباط/فبراير بدء العمل بمشروع اتّفاقيّة الغاز مع إسرائيل باستملاك أراضٍ في شمال المملكة لغايات مدّ أنبوب الغاز.
وأكّد الحياري لإذاعة حسنى أف إم المحلّيّة أنّ استملاك أراضي شمال المملكة هو المرحلة الأولى للمشروع أي أعمال مد الأنبوب والتي ستنفّذها شركة مقاولات من القطاع الخاصّ.
ويواجه خطّ الغاز، ومن قبله الاتّفاقيّة مع إسرائيل، معارضة من أحزاب ونقابات أردنيّة معارضة للتطبيع مع إسرائيل، انبثقت عنها في عام 2015 حملة غاز العدوّ احتلال، وتعتزم الحملة رفع دعوى قضائيّة ضدّ الحكومة الأردنيّة، على اعتبار أنّ خطّ الغاز الإسرائيليّ سيضرّ بالمصلحة العامّة، كما يقول مقرّر الحملة عضو نقابة أطبّاء الأسنان هشام البستاني لـالمونيتور.”
ويرى البستاني أنّ مدّ خطّ الغاز سيحمل أضراراً استراتيجيّة وأخلاقيّة، كون الاعتماد على أنبوب الكيان الصهيونيّ، يعني تبذير أموال الناس وربط الأردن بتبعيّة اقتصاديّة للكيان، وستذهب 56% من عوائده إلى خزينة إسرائيل والجيوش والمستوطنات والاستعمار والحروب.”
وتبلغ كلفة الاتّفاقيّة 10 مليارات دولار أميركيّ لتغذية محطّات التوليد الكهربائيّة في الأردن، على مدار 15 عاماً. وكان العمل في خطّ الغاز إلى جانب مشاريع حيويّة أخرى مثل مشروع ناقل البحرين بين الأردن وإسرائيل، توقّف بسبب توتّر العلاقة بين الجانبين، على خلفيّة مقتل مواطنين أردنيّين في تمّوز/يوليو من العام الماضي على يد رجل أمن في السفارة الإسرائيليّة في عمّان، لتعود هذه المشاريع إلى العمل بعدما قدّمت إسرائيل اعتذارها إلى الأردن في 20 كانون الثاني/يناير الماضي، إلى جانب تقديم تعويض ماليّ لأهل الضحايا بقيمة 5 ملايين دولار، كما عادت على إثرها السفارة الإسرائيليّة في عمّان إلى ممارسة أعمالها في شكل معتاد.
صورة: محطة غاز تحتلها إسرائيل قبالة شاطئ غزة. المضدر: المونيتور.